الأربعاء، 20 مارس 2013

اللي يزرع حنية زهرة ..يحصدها ولو بعد حين !!


" قصة قصيرة " مبنية على أحداث حقيقيــة 
  
دخلت زهرة عليهــا غرفتها ..دنت منها وأيقظتها برفق .. وقالت لها : ميعاد الدواء يا أمي  ..
انتبهت لها أم محمد ..فتحت جفناها المتثاقلتين من تأثير جلسة أمس التي مازالت ألامها تسري في عظام جسدها كالمنشار..
أخذت تتحس رأسها وتعيد الايشارب الذي انزلق من رأسها الناعم رغم أن يدها قبل نومها كل ليلة تتمم على ايشاربها جيداً بحركة لا إرادية حتى لو اشتدت عليها أثار جرعة الكيماوي وغيبتها بعض الشئ ...فقد كانت تخشى أن يخيف رأسها العاري أحفادها الصغار أو يثير شفقة وعطف أولادها الذي لم يروها دون ايشارب منذ أن فُقدته رغما عنها منذ عدة شهور , وهو الكستنائي الناعم الذي طالما تباهت به خالي من الشيبة ..دون أن تمسه أي صبغة شعر ..
.
ساعدتها زهرة لكي تستعدل وضعها .. جلست مستندة على وسادة كبيرة وهي تجس على شفتيها بأسنانها من الألم الذي عاد مع حركة مفاصلها ... أمسكت زهرة لها كوب المياه وشربتها اياه بعدما وضعت لها كبسولات الدواء الواحدة تلو الأخرى في فمها ..ثم ابتسمت لها وقالت لها : بالشفا يا أمي ..ردت عليها أم محمد بابتسامة شاحبة كوجهها  .. وبوهن ربتت بكفها البارد على يد زهرة تشكرها ..
 فسألتها : ألن تُكملين نومك يا أمي  ..قالت لها : لا...فأنا أريد التحدث معكِ في أمر ما .. جلست زهرة على حافة السرير وقالت لها : خير يا امي .. ردت أم محمد : لا تقلقي .. افتحي الدولاب واحضري الشكمجية ..  قامت زهرة بإحضارها ...فتحتها أم محمد وأخرجت منها  مظروف مالي ثم قالت لها : هذا المبلغ لكِ .. أدخريه لنفسك ولا تقولي عنه شيئاً لأولادي فبالتأكيد ستحتاجين له غدا .. ومدت يدها بداخل الصندوق مرة أخرى ...وأخرجت سوار ذهبي قديم  ... وقالت لها : هذا السوار تتوارثه النسوة في عائلتنا ...انتقل من جيل لجيل وربما أنتِ الابنة السابعـة ...انه من الذهب البندقي ....انه ثقيل وربما لم يعد موضة ..ولكنه تاريخ كبير وسنوات طويلة .. تحكي كل عقلة فيه قصة أم وعيلة  ..انتقل من معصم أم لمعصم ابنتها ...وانا يا بنتي لم أُنجب بنتاً ولكن يعلم ربي أني أعدك ابنتي التي لم انجبُها...خُذيه مني وأهديه بدورك لأحن زوجات أولادكـ إن لم تُرزقي مثلي بالبنات... وأنا على يقين انك سترزقين بزوجة ابن تجعلك قرة عينيها مثلما فعلتي معي ووقفتي بجانبي في مرضي " اللي يزرع حنية يا بنتي يحصدها ولو بعد حين "..

 امتقع لون وجه زهرة ولم تنطق أو تمد يدها لتأخذه...قالت لها : اقبليه يا ابنتي من أجلي ..اقبليه كذكرى مني ... هذا أقل ما يمكن أن أعبر به لكِ عن حبي وامتناني ... قالت لها زهرة وصوتها بدأ يتهدج بالبكاء : ارجوكِ يا أمي توقفي عن هذا الكلام الذي يوجع قلبي ...أ كل ما فعلتيه من أجلي وتحتاجين لتعبري لي عن امتنانكـ ؟؟!!.. من منا الممتن للآخر؟؟ ..أنا الممتنة لكِ بعدد أيام زواجي ..بكل لحظة حب شعرت بها بالدفء في بيتك .. بكل مرة مسحتِ فيها دموع عيني بكفك إذا في يوم من أي شيء ضاق صدري وبكيت ...بكل ضمة لي في أحضانك وانا متعبة أو مريضة ... باعتنائك بي أثناء حملي بأحفادك ... بكل فساتيني التي تطرزينها لي من أجلي بعدما تدعني اختار ما يروق لي من تصميمات جميلة ..
ثم استطردت والدموع تغالبها :  لم تتمنى عيني شيئاً منذ زواجي بولدك إلا وأجبته لي دون أن تدعي لشفتاي فرصة أن تنطق به ..وقبل كل هذا وذاك .. أهديتني زوجي الذي هو نعمة ربي عليَّ .. هو قطعة منكِ ...عصبي المزاج قليلا ولكنه قلبه ابيض تماماً مثل قلبكِ ...تشرّب منكِ معظم خِصالك الحميدة ..علمتِه كيف يحب ..كيف يرحم العِباد ..كيف يراعي الله في زوجته وأولاده ..كيف يحترم زوجته ويعاملها كـأميرة .. لان أمه حقاً تتمتع بخصال الملكات...
.
دمعت عينا أم محمد وبادلتها زوجة ابنها زهرة بكاء حاراً على أِثره تعانقا عناقاً طويل ... 
.
لم يطل عُمر أم محمد بعدها أكثر من ثلاث ليال ... انتقلت لبارئها وهي تدعو لزهرة أكثر مما تدعو لأبنائها ..وبدورها بكت عليها زهرة كما لم تبكِ على والدتها التي رحلت منذ عامين  .. اتشح قلبها بالسواد حداداً عليها ومازال .. وقفت تتلقى كلمات المواساة و العزاء من أقاربها و جاراتهــا فهم يعرفن جيداً أنها كانت بالنسبة لـ زهرة "أمها "   وليست " حماتهــا ".
أوصت أم محمد أختها ..أن تحكي للعالم عن زهرة .. الابنة البارة بأم زوجهــا ... أن تنشر قصتها في الجريدة أو على الانترنت ..
.
أم محمد لم أرها ...لكنني علُمت صدفة بوصيتها .. " ارقدي أم محمد في سلام فقد أجبت وصيتك "  ...............مهنــد فوده


* إن أردت أن تترك تعليقاً على القصة ..فبرجاء أكتبه بالأسفل حتى يمكنني الاحتفاظ به ما بقيت حية تلك الكلمات  ..شكرا لك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق